الصفحات

الخميس، 11 أبريل 2013

خطر الشيعة والتشيع في الجزائر

بسلام عليكم ورحمة الله و بركاته
يرى الكثير من المسلمين أن تحديد موقف معيَّن من الشيعة أمر صعب، وشيء محيِّر، ومردُّ هذه الصعوبة إلى أشياء كثيرة..


من هذه الأشياء مثلاً فَقْد المعلومة؛ فالشيعة بالنسبة لكثير من المسلمين كيان مبهم، لا يعرف ما هو، ولا كيف نشأ، ولا يلقي نظرة على ماضيه، ولا يتوقع مستقبله، وبالتالي فعدد كبير جدًّا من المسلمين يعتقد أن الشيعة ما هي إلا أحد المذاهب الإسلامية كالشافعية أو المالكية أو غيرها من المذاهب، ولا يدري أن اختلاف السُّنَّة عن الشيعة ليس في الفروع فقط، ولكن في كثير من الأصول أيضًا.

ومن الأشياء التي تُصعِّب الموقف أيضًا أن كثيرًا من المسلمين غير واقعيين ولا عمليين، فهو يلقي بالأحلام المتفائلة هكذا دون دراسة، فتراه ينادي -وكأنه يتكلم بلغة العقل- ويقول: لماذا التناحر؟

هيَّا لنجلس وننسى خلافتنا، ويضع السُّنِّي يده في يد الشيعي في طريق واحد، طالما أننا جميعًا نؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر، وينسى أن الأمر أعقد من هذا (بكثير)؛ فعلى سبيل المثال فإن الذي يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر ولكنه يستحل الخمر أو الزنا مثلاً يَكْفُر، واستحلال الأمر يعني أنه يراه حلالاً، وينكر تحريمه في القرآن أو السُّنَّة، وإذا أخذنا هذا المنطلق في الرؤية فإننا سنرى أمورًا خطيرة جدًّا في قصة الشِّيعة تحتاج إلى وقفات مهمَّة من علماء الشريعة لتحديد حكم الدين في البدع الشيعيَّة الهائلة.

الشيعة واليهود ثم إنّه من الأشياء التي تُصعِّب الأمر -أيضًا- كثرة الجراحات الإسلامية في أكثر من قُطر من أقطار المسلمين، وكثرة الأعداء من يهود وصليبيين وشيوعيين وهندوس وغيرهم، فيرى بعض المتعقلين ألاَّ نفتح جبهة جديدة من الصراع، وقد يكون هذا صحيحًا من جانب لو أنّ هذه الجبهة مغلقة، ونحن نحاول فتحها، أما إذا كانت بالفعل مفتوحة على مصراعيها، والأذى يأتي منها صباحَ مساءَ، فإنَّ السكوت هنا يعدُّ رذيلة، وليس هناك داعٍ للسؤال المتكرِّر على ألسنة الكثيرين: هل هم أخطر أم اليهود؟! فإنَّ هذا السؤال أريد به إسكات ألسنة الموقظين لهمَّة الأمة، وإحراج العاملين على حفظها وحمايتها، وأنا أردُّ على هؤلاء وأقول لهم: وما المانع أن يتصدى المسلمون لخطريْن داهميْن في وقت واحد؟ وهل المسلمون السُّنَّة هم الذين يبحثون عن حُجَّة للهجوم على الشيعة، أم أن الواقع يثبت بأكثرَ من دليلٍ أنّ الأذى يأتي من ناحيتهم؟

ولقد سردنا التاريخ الشيعي في المقاليْن السابقين مقال أصول الشيعة، ومقال سيطرة الشيعة، ورأينا التعديات الشيعية الصارخة على الأمة الإسلامية، وما أحسبُ واقعنا يختلف كثيرًا عن ماضينا، بل إنني أشهد أن التاريخ يكرِّر نفسه، وأن الأبناء ورثوا حقد الآباء والأجداد، ولا يُتوقع خير ممن يزعم بفساد جيل الصحابة إلا النَّدرة منهم، وهو تكذيب صريح لقول رسولنا صلي الله عليه وسلم: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي"[1]، وهو حديث في البخاري ومسلم وغيره من كتب الصِّحاح والسُّنن والمسانيد.

إنّ واقع الشيعة في زماننا الآن - ليس في الماضي فقط - أليمٌ أليم..

ودعونا نراجع أمورًا مهمَّة تجعل الرؤية أوضح عندنا، ومِن ثَمَّ تعيننا على تفهُّم الموقف الأمثل الذي يجب أن نأخذه من الشيعة، ونعرف عندها هل يجب أن نتكلم أم السكوت أفضل!

أولاً: الجميع يعلم موقف الشيعة من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم بدءًا من أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ومرورًا بأمهات المؤمنين، وعلى رأسهن أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وانتهاءً بعامَّة هذا الجيل العظيم، فكتُبهم ومراجعُهم، بل وعقيدتُهم وأصولهُم، تزعمُ بفسق هذا الجيل أو رِدَّته، وتحكمُ بضلال غالبيته، وتتهمهم بإخفاء الدين وتحريفه!.

وهنا هل يجب أن نراقب ونسكت منعًا لحدوث فتنة كما يقولون؟!

وأيُّ فتنةٍ أعظم من اتِّهام هذا الجيل الفريد بالفساد والكذب؟!

فلتراجعوا معي كلمة عميقة قالها الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "إذا لَعَنَ آخرُ هذه الأمَّة أوَّلها، فَمَنْ كان عنده علمٌ فليظْهره، فإنَّ كاتم ذلك ككاتم ما أُنزل على محمدٍ "[2].

هل أدركتم مدى العمق الذي في الكلمة؟!

إن الطعن في جيل الصحابة ليس مجرَّد طعن في قومٍ قد أفضَوا إلى ما قدّموا، وليس كما يقول البعض: إن هذا الطعن لن يضرّهم؛ لأنهم في الجنة على رغم أنوف الشيعة وأمثالهم، ولكن الخطير جدًّا في الأمر أن الطعن في الصحابة هو في حقيقة الأمر طعن مباشر في الدين، فنحن لم نتلقَّ الدين إلا عن طريق هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، فإذا ألقيت ظلالاً من الشكوك حول أخلاقهم ونيَّاتهم وأعمالهم فأيُّ دينٍ سنتبع؟ لقد ضاع الدين إذا سلّمْنا بذلك، وضاعت أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وأوامره، بل إننا نقول للشيعة: أيُّ قرآن تقرءون؟! أليس الذي نقل هذا القرآن هو عامة الصحابة الذين تطعنون فيهم؟ أليس الذي قام بجمع القرآن هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي تزعمون تحايله على الخلافة؟ فلماذا لم يحرِّف القرآن كما حرَّف السُّنَّة في زعمكم؟!

إن رسولنا صلي الله عليه وسلم يقول في الحديث: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المهديينمِنْ بَعْدِي"[3]. فسُنَّة الخلفاء الأربعة جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي، وما قام به أبو بكر وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ من أحكام ومواقف هو حُجَّة على كل المسلمين في كل وقت ومكان، وإلى يوم القيامة، فكيف يمكن قبول الطعن فيهم؟!

لذلك تجد علماءنا الأفاضل كانوا ينتفضون إذا رأوا رجلاً يتطاولُ على الصحابة بكلمة؛ فأحمد بن حنبل - رحمه الله - كان يقول: "إذا رأيت أحدًا يذكر أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بسوءٍ، فاتهمه على الإسلام"[4]. ويقول القاضي أبو يعلى: "الذي عليه الفقهاءُ في سبّ الصحابة؛ إن كان مستحلاًّ لذلك كَفَرَ، وإن لم يكن مستحلاًّ لذلك فَسَقَ"[5]. ويقول أبو زرعة الرازي: "إذا رأيتَ الرجلَ ينتقص من أصحاب النبي ، فاعلم أنّه زنديق"[6]. أما ابن تيمية فيقول : "من زعم أنّ الصحابةَ ارتدُّوا بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا نفرًا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أو أنهم فسّقوا عامَّة الصحابة فلا ريب في كفره"[7].

إن كلّ هذه الشدة على الذين ينتقصون الصحابة؛ لأنّ الصحابة هم الذين نقلوا الدين لنا، فإذا انتقص أحدٌ منهم فهو يشكِّك في الدين نفسه، كما أن هذا الجيل العظيم قد جاء مدحُه في آيات القرآن الكريم، وفي أحاديث النبي الأمين في مواضعَ كثيرة لا حصر لها؛ مما يجعل الطعن فيهم تكذيبًا لله ولرسوله.

ولعلَّ هناك من يقول إننا لم نسمع فلانًا أو علاّنًا من الشيعة يطعن في الصحابة، وهؤلاء أريد لفت أنظارهم إلى ثلاث نقاط.

الأولى: هي أن الشيعة الاثني عشرية تعني من الأساس أن الصحابة تآمروا على علي بن أبي طالب ، وعلى أل البيت، وعلى الأئمة الذين يعْتَقدُ فيهم الشيعة، ومِن ثَمَّ فليس هناك شيعي اثنا عشري (إيران والعراق ولبنان) إلاّ ويعتقد بفساد الصحابة، ولو اعتقد بصلاحهم لانهار مبدأ الشيعة من أساسه؛ ولذلك فمن المسلَّم به أنّ كلّ الشيعة من الزعماء والأتباع لا يوقِّرون الصحابة ولا يحترمونهم، ولا يأخذون عنهم الدين بأيِّ صورة من الصور.

وأما النقطة الثانية فهي أن زعماء الشيعة يتهربون دومًا من المواقف التي تُظهر بغضَهم الشديد للصحابة، وإن كان يظهرُ في بعض كلماتهم أو مواقفهم، كما يقول الله عزوجل: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]. وقد شاهد الجميع المناظرة التي كانت بين الدكتور يوسف القرضاوي -حفظه مناظرة القرضاوي رافسنجانيالله- وبين رافسنجاني على قناة الجزيرة، وشاهدنا كيف هرب رافسنجاني من كل المحاولات التي بذلها الدكتور القرضاوي لجعله يذكر خيرًا في حق الصحابة أو أمهات المؤمنين. وعندما سُئل خامنئي -قائد الثورة الإيرانية الحالي- عن حكم سبّ الصحابة، لم يقل: إن هذا خطأ أو حرام، إنما أجاب إجابة باهتة قال فيها: إن أي قول يؤدِّي إلى الفُرقة بين المسلمين هو بالقطع حرام شرعًا. فحرمة سب الصحابة عنده لكونها تفرِّق بين المسلمين، وليس لكونها حرامًا في حدِّ ذاتها، ونشرت ذلك صحيفة الأهرام المصرية يوم 23 من نوفمبر 2006م.

وأما النقطة الثالثة فهي الانتباه إلى عقيدة التَّقِيَّة التي تمثل تسعة أعشار الدين عندهم كما يقولون، وهي تعني أنهم يعتادون على قول ما يخالف عقيدتهم طالما كانوا غير ممكنين، أما عند التمكين فإنهم يظهرون ذلك بوضوح. ولقد مرَّ بنا تاريخ الشيعة، ورأينا أنه عند السيطرة على بلاد السُّنِّية كالخلافة العباسية في العراق وكمصر والمغرب وغير ذلك، فإنهم كانوا يُظهِرون فورًا سبَّ الصحابة، ويجعلون ذلك أصلاً من الأصول عندهم.

إذن يتبين لنا من خلال هذه المسألة ضرورة الكلام لتبيين الحقيقة في أمر الصحابة الكرام، وإلا فإنَّ الساكت عن هذا الحق شيطان أخرس، وستكون عقبات السكوت هنا ضياع الدين نفسه.

ثانيًا: خطورة التشيُّع في العالم الإسلامي.. ولا شكَّ أن التشيع يسير بخُطا حثيثة في كثير من بلاد العالم الإسلامي، ولم يعُدْ في الأماكن التقليدية التي اعتاد أن ينتشر فيها كإيران والعراق ولبنان، إنما يجري الآن -وبقوة- في البحرين والإمارات وسوريا والأردن والسعودية ومصر وأفغانستان وباكستان وغير ذلك من بلاد المسلمين، والأخطر من ذلك هو اعتناق الكثيرين لأفكار الشيعة ومبادئهم دون أن يظنوا أنفسهم شيعة. ولقد وصلت إلينا بعد هذه المقالات أعداد هائلة من الرسائل التي يدَّعِي أصحابها أنهم من السُّنَّة، ولكنها تفيض بأفكار الشيعة ومناهجهم. وليس خافيًا علينا الحملات العشواء التي تُشنُّ على الصحابة في صفحات الجرائد، وعلى الفضائيات في البلاد السُّنية، ولعلَّ من أشهرها في الأيام الأخيرة الحملة التي شنّتها إحدى الجرائد المصرية على السيدة عائشة رضي الله عنها، والحملة التي شنتها جريدة أخرى على البخاري -رحمه الله- ، وكذلك البرامج الفضائية التي يقدِّمها إعلامي مشهور، ويتناول فيها الصحابة بالتجريح في كل حلقة.

ويضيف إلى صعوبة الأمر، وعدم إمكان السكوت عليه، هو التزاوج بين مناهج الشيعة ومناهج الصوفية، بدعوى اشتراك الطرفين في حبِّ آل البيت. وكما نعلم فإنَّ المذاهب الصوفية تنتشر في عدد كبير من بلاد العالم الإسلامي، وهي مصابة بعدد كبير جدًّا من البدع والمنكرات، وتلتقي مع الشيعة في بعض الأمور كتقديس قبور آل البيت، ومِن ثَم فانتشار الشيعة متوقع في ظل شيوع الفرق الصوفية في بلاد المسلمين.

قتل أهل السنة ثالثًا: الوضع في العراق خطير جدًّا، وقتل المسلمين السُّنَّة بسبب هويتهم أصبح متكررًا ومألوفًا، ولقد ذكر الأمين العام لجبهة علماء المسلمين السُّنة في العراق حارث الضاري أن هناك أكثر من مائة ألف سُنِّي قتلوا على يد الشيعة في الفترة من 2003م إلى 2006م فقط، إضافةً إلى عمليات التهجير المستمرة من بعض الأماكن لتسهيل حكم الشيعة لها، وفوق ذلك فالمهجَّرُون خارج العراق معظمهم من السنة، وهذا يؤدِّي إلى تغيير خطير في التركيبة السكّانية ستكون لها عواقب ضخمة. والسؤال: هل فتنة طرح قضية الشيعة أخطر من فتنة قتل هذه الأعداد الهائلة من السُّنَّة؟ وإلى متى السكوت عن هذا الأمر، والجميع يعلم التأييد الإيراني الشامل لعمليات قتل السُّنة على الهوية؟!

رابعًا: الأطماع الإيرانية في العراق واضحة، بل هي معلنة وصريحة، ولقد دارت قبل ذلك حرب طويلة بين البلدين استمرت ثماني سنوات كاملة، والآن الطريق مفتوح، خاصةً أنّ العراق تمثِّل أهمية دينية قصوى للشيعة، حيث تحوي العتبات المقدَّسة، وبها قبور ستة من الأئمة عند الشيعة؛ ففيها قبر الإمام علي بن أبي طالب في النجف، وقبر الحُسين في كربلاء، وقبر موسى الكاظم ومحمد الجواد وكلاهما في الكاظمية ببغداد، وقبر محمد الهادي والحسن العسكري في سامِرّاء، هذا إضافةً إلى كثير من القبور الوهميَّة لعدد من الأنبياء مثل آدم ونوح وهود وصالح في النجف الأشرف، وكلها - كما هو معلوم - ليست صحيحة.

ويضيف إلى خطورة الطمع الشيعي في العراق، أن أمريكا تقف إلى جوار هذا الطمع وتؤيده، وكلنا يرى الحكومة الشيعية التي ترعاها أمريكا وتؤيدها، ولا تُجدِي هنا تمثيليات تبادل الاتهامات بين إيران وأمريكا، فإنَّ أمريكا لا تفكر مطلقًا في ضرب إيران كما وضحنا في مقال "بعبع تحت السيطرة"، لكن الذي يُقلِق بشكل أكبر ليس الطمع في بترول العراق أو ثرواته فقط، وليس مجرَّد توسيع رقعة سيطرة الشيعة، ولكن الأدهى هو جعل هذا الإجرام والتوحش جزءًا من الدين عندهم؛ فالشيعة يعتبرون الصحابة وأتباعهم من السُّنَّة، من الذين ناصبوا أهل البيت العَداء، ويسمُّوننا لذلك بالناصبة أو النواصب، مع أننا أشد توقيرًا لأهل البيت منهم، ويصدرون أحكامًا خطيرة نتيجة هذه التهمة، فيقول فتوى الخوميني الخوميني مثلاً: "والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخُمُس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحوٍ كان، ووجوب إخراج خمسه"[8].

وعندما سُئل إمامهم محمد صادق الروحاني عن حكم من ينكر إمامة الأئمة الاثني عشر قال كلامًا عجيبًا! فقد قال: "إن الإمامة أرفع مقامًا من النبوة، وإن إكمال الدين كان بنصب الإمام أمير المؤمنين بالإمامة، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، ومَن لا يعتقد بإمامة الأئمة الاثني عشر يموت كافرًا"[9]. وقد ذكرنا في مقال "أصول الشيعة" أن الخوميني ذكر في كتابه الحكومة الإسلامية أن الأئمة يصلون إلى درجة لم يبلغها ملكٌ مقرَّب ولا نبي مرسل؛ فعدم الاعتراف بهم أقوى من عدم الاعتراف بالرسول صلي الله عليه وسلم، وهذا يفسِّر منطلق التكفير عندهم، والذي يستتبعه استحلال دماء السُّنَّة في العراق وغيرها، ومِن ثَم حتمية ضم العراق إلى سلطانهم لما تحويه من مقدسات شيعية موجودة بأيدي من يكفِّرونهم.

خامسًا: لا يقف التهديد المباشر عند حد العراق فقط، فالأطماع متزايدة في دول المنطقة، وهم يعتبرون البحرين جزءًا من إيران، وصرح بذلك رئيس التفتيش العام علي أكبر ناطق نوري في مكتب قائد الثورة خلال الاحتفال بالذكرى الثلاثين للثورة الإيرانية حيث قال: "إن البحرين كانت في الأساس المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة، وكان يمثلها نائب في مجلس الشورى الوطني الإيراني"[10].

الجزر الإماراتية المحتلة ولا يخفى علينا أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية مهمَّة في الخليج العربي، كما أنهم يتزايدون بشكل كبير في الإمارات، حيث بلغت نسبتهم هناك 15% من عدد السكان، ويسيطرون على مراكز التجارة خاصةً في دبي.

والوضع كذلك في السعودية ليس مستقرًّا؛ فمنذ الثورة الإيرانية في عام 1979م والاضطرابات تتكرر في السعودية، بل إنها كانت مباشرة بعد الثورة الإيرانية، حيث قامت مظاهرات شيعية في القطيف وسيهات، كان أشدها في يوم 19 من نوفمبر سنة 1979م، وكانت الأمور تتفاقم أحيانًا إلى درجة التظاهر والتخريب في بيت الله الحرام، كما حدث في موسم الحج في سنة 1987م، وسنة 1989م، بل إنه بعد سقوط نظام صدام حسين قامت 450 شخصية شيعية في السعودية بتقديم عريضة إلى ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله يطالبون فيها بمناصب عليا في مجلس الوزراء والسلك الدبلوماسي والأجهزة العسكرية والأمنية، ورفع نسبتهم في مجلس الشورى.

علي شمخاني كبير المستشارين العسكريين لدى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية ولقد صرح علي شمخاني -كبير المستشارين العسكريين لدى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية- أنه في حالة ضرب أمريكا للمنشآت النووية الإيرانية، فإنَّ إيران لن تكتفي بضرب المصالح الأمريكية في الخليج، بل إن إيران ستستخدم الصواريخ الباليستية في ضرب أهداف استراتيجية في الخليج، وكذلك مضخات النفط ومحطات الطاقة في دول الخليج العربي، وهذا التصريح نشرته مجلة التايمز البريطانية في يوم الأحد 10 من يونيو 2007م.

هل هذا هو كل شيء؟!

أبدًا.. هناك الكثير والكثير مما لم نذكره بعد.

فقد ذكرنا في هذا المقال خمس نقاط توضح خطورة قضية الشيعة وأهميتها، وهناك خمس نقاط أخرى في غاية الأهمية أخشى إن ذكرتها على عجالة هنا ألاَّ أعطيها حقها؛ ولذلك فأنا سأؤجلها - بإذن الله - إلى المقال القادم، وبعدها سنعرض الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه الظروف الخطيرة.

إن قضية الشيعة ليست قضية هامشية في قصة الأمة الإسلامية، بحيث يطالب البعض بتركها أو تأجيلها.. إنها قضية تأتي في أولويات الأمة الإسلامية، ولقد رأى الجميع أن تحرير فلسطين من الصليبيين على يد صلاح الدين لم يكن إلا بعد تخليص مصر من الحكم الشيعي العبيدي، ولم يقل صلاح الدين عندها أن حرب الصليبيين أولوية تؤجِّل مسألة الحكم الشيعي لمصر، ذلك أن المسلمين لا ينتصرون إلا بعقيدة صافية، وجنود مخلصة، ولم يكن لصلاح الدين أنْ يأخذ شعب مصر ليقاتل معه في قضيته المصيرية إلا أن يرفع عن كواهلهم هذا الحكم البدعي العبيدي، وما ذكرناه في حق مصر أيام صلاح الدين نذكره في حق العراق الآن، وفي حق كل الدول المهدَّدة من الشيعة، ولا بُدَّ أن يكون لنا في التاريخ عِبْرة

هنا موضوع عن التشيع في مجلة الراصد/ عدد شهر جمادى الآخر 1428هـ
تعالت مؤخرا أصوات في عدة دول عربية (الجزائر- المغرب - مصر- السودان - الأردن... الخ)، تنبه إلى انتشار ظاهرة التشيع وتحذر من توسعها. وذكرت عدة صحف ومجلات عربية اهتمت بالموضوع أن الجزائر من بين البلدان التي يشهد فيها "المذهب الشيعي انتشارا بشكل سري في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري (السني بأغلبه)، خاصة خلال السنوات الأخيرة".
ومع ذلك فإن هذه المسألة مازالت غير مطروحة رسميا، إذ لم يصدر أي موقف يشير إلى ذلك وينبه إلى هذا الأمر باستثناء بعض الكتابات المحدودة في وسائل الإعلام - الصحف – إلى جانب تسليط بعض المواقع الإعلامية على شبكة الانترنيت الضوء على هذا الموضوع.. لكن لمحدودية زوارها في الداخل (كون مجال الانترنيت مقتصر على فئات محدودة في المجتمع الجزائري الذي لا تتوفر فيه شبكة الانترنيت إلا على نسبة 2,4 % من السكان المتصلين في وقت لا يتجاوز الذين يستعملون هذه التقنية 800 ألف من السكان، بمعدل 500 ألف مستعمل بصفة منتظمة) لم يُمكن أغلبية المجتمع من الاطلاع عليها، على عكس الصحف المكتوبة التي تعرف انتشارا كبيرا إلا أنها تتحاشى الخوض في الموضوع.
وهناك عدة تفسيرات لهذا الأمر : فثمة من يقول إن حرية المعتقد أمر يكفله دستور البلاد وإن الدولة لا تتدخل في معتقدات الناس والمذاهب التي يعتنقونها.
وهناك من يرجع الأمر إلى "طبيعة الجزائريين" المتسامحة وقدرتهم على التعايش مع بعضهم البعض، بقطع النظر عن المعتقدات والمذاهب.
فيما يرى البعض الآخر أن هذا "الصمت الرسمي" على انتشار التشيع في الجزائر مرده العلاقات التي تحسنت بين الجزائر وإيران. وهي علاقات توطدت خلال السنوات الأخيرة.
عدد شيعة الجزائر وانتشارهم
لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في الجزائر، وبحسب مراقبين لا يزال الحضور الشيعي محتشما في الجزائر مقارنتا بذلك الحضور المسجل في بعض البلدان المغاربية كالمغرب الذي يبدو واضحا من خلال وجود ثلاث جمعيات شيعية ثقافية معترف بها على الأقل وهي "الغدير" و"البصائر" و"التواصل".
وإذا كان الحضور الشيعي في الجزائر محتشما، ويمكن ملاحظته في بعض الولايات والمدن مثل الجزائر العاصمة، باتنة، تبسة، خنشلة، تيارت، سيدي بلعباس. غير أن عددا من المواقع الشيعية عبر شبكة الانترنيت، من بينها موقع مركز الأبحاث العقائدية، وهو أكبر المواقع الشيعية، بالإضافة لـ "شبكة شيعة الجزائر" التي ترفع شعار "من المدرسة المصالية إلى المدرسة الخمينية"، تقول عبر تقارير نقلتها - هذه المواقع الإلكترونية - بأن المذهب الشيعي "يزداد انتشارا بشكل سرّي في قطاعات واسعة من المجتمع الجزائري، بعد أن نقله إليهم مدرسون وموظفون قدموا للعمل من العراق وسوريا ولبنان". ويرى المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" والذي يسمي نفسه "محمد العامري" (30 عاما) أن الاستبصار - التشيع - في الجزائر "مستمر بحمد الله والاستبصار أكثر من منتشر بل منفجر في كامل أرجاء التراب الجزائري متنقلا عبر كل الطبقات الاجتماعية فسابقا كان يدور بين الشبان والآن ببركة صاحب العصر والزمان (عليه السلام) دخلت بيوت بكاملها في التشيع وسمعت أن أكبر متشيع عمره 69 سنة(..)".
ولا يملك المشرف على شبكة "شيعة الجزائر"، أي إحصائيات أو أرقام على مدى انتشار التشيع بين الجزائريين : "ليس هناك إحصائيات حديثة وحتى إن كانت هناك إحصائيات تبقى سرا ولا تسلم لأيا كان لأسباب يطول شرحها". غير أن بعض المراقبين يقدرون عدد الشيعة في الجزائر بالمئات، وهم منتشرين في أغلب مدن البلاد، كان عددهم لا يتجاوز العشرات في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، يمارسون شعائرهم وطقوسهم بحرية كإحياء الحسينيات وقيام المآتم مع بداية كل محرم إلى العاشر منه، دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات.
ويرى الدكتور محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا، في محاضرته "حصاد الثقافية" عن "نشأة الشيعة والتشيّع""، أن غياب المرجعية الدينية وضعف المناعة الثقافية في الجزائر سيسهل اجتياح المد الشيعي وتناميه في الجزائر السنية "لأن الشيعة في الجزائر موجودون وهم حوالي 300".
فيما يؤكد الباحث الجزائري فريد مسعودي أن انتشار المذهب الشيعي في الجزائر يعد ذاتي بالدرجة الأولى لأن وسائل الدعاية المتبعة تعتمد على الانتشار السري، بسبب عوائق موضوعية تتعلق بمدى قابلية المحيط لهذا النوع من الفكر، بمعنى أنه قد لا يتطور إلى درجة الظاهرة الاجتماعية.
هذا ويرى المراقبين أن التشيع يتوسع وينتشر بفضل الدعاة النشطين الذين يتواجد أغلبهم بالمؤسسات التربوية، وتوفر المراجع الشيعية المتداولة كالمجلات والنشريات والكتب أبرزها : مرآة الأنوار، مشكاة الأسرار، تفسير العسكري، مجمع البيان، تفسير الكاشي، تفسير العلوي، تفسير السعادة للخرساني، ومجمع البيان وغيرها من المراجع الأخرى التي كانت متداولة ببعض المساجد وبين عامة المصلين والطلبة لعدم معرفة حقيقتها وخطرها على الكثير من القراء.
كما كان لوجود جاليات شيعية من العراق وسوريا ولبنان في الجزائر دور في انتشار المذهب بين أهل البلاد حسب ما أشار إليه العامري : "اخوتنا العراقيون والسوريون واللبنانيون عندما كانوا في الجزائر كأساتذة ومدرسين لعبوا دورا في الدعوة وكانوا من الممهدين لقبول فكرة الولاء لمحمد وآله صلوات الله عليهم، وعندما اندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة وجد خط الإمام الخميني (قدس الله سره) أرضية خصبة لنشاطه في أرض الثورة والرفض" !.
ويرى شيعة الجزائر أن مذهب "آل البيت" ليس غريبا عن البلاد وأن جذوره تعود إلى "آلاف السنين". بدليل أن الأمازيغ (البربر سكان الجزائر الأوائل) بالأصل كانوا شيعة، فبالنسبة لهم كان للبربر في الجزائر "ولاء عظيم لأهل البيت ولهم فيها ثورات، وبالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين، وكانوا من الأوائل الذين فتحوا بيوتهم وصدورهم للفاطميين وحاربوا معهم جنبا لجنب.."
وتذكر "الجيرواس" وهي فتاة جزائرية من أصل بربري، أحد أعضاء شبكة شيعة الجزائر، عدة أمثلة للتأكيد على أمازيغ كانوا يعتنقون المذهب الشيعي، وذلك على حسب قولها :
- بعض مناطق الأمازيغ لا يأكلون لحم الأرنب وهم لا يعلمون لماذا ؟! ومعلوم أن اللحم محرم عندنا نحن الشيعة.
- في عاشوراء يتوقف الأمازيغ عن العمل ويقولون إن العمل في مثل هذا اليوم يجلب النحس وأن ما اكتسبته خلال ذلك اليوم لا بركة فيه.
- يذبحون في عاشوراء دجاجا أو طيرا، فالمهم هو إسالة الدم في ذلك اليوم معتبرين أن هذا أمر مباركا دون أن يعلموا أن هذه الدماء رمز للتذكرة بدماء الحسين عليه السلام وأصحابه الذين استشهدوا في كربلاء.
- عند الأمازيغ لا تجد أحدا اسمه أبو بكر أو عمر أو عائشة الخ.. لكنّك كثيرا ما تجد اسم سيد علي، وسيد احمد وكلمة سيد لا تجدها في أسماء أخرى عدا اسم علي واسم احمد الذي هو في حد ذاته محمد.
- إذا ذكر الأمازيغ اسم فاطمة سلام قالوا "للا فاطمة" أي السيدة فاطمة، وإذا ذكروا عائشة لم يدرجو لقب (للا).
كما كان للمذهب الشيعي تواجد كبير في الجزائر خلال مرحلة الدولة الرستمية (776-908 م) التي أسسها الإباضيين وجعلوا من تيهرت (تيارت حاليا) عاصمة لهم ومهدا لثقافتهم وفكرهم في الشمال الإفريقي حتى قام الداعية الشيعي أبو عبيد الله الشيعي صاحب الفاطميين بالقضاء على دولتهم عام 908 م. وتحول الإباضيين نحو الجنوب الجزائري، واستقروا في منطقة وادي ميزاب (غرداية).
وكانت هناك دويلة أخرى قامت في الجنوب الغربي للجزائر وجنوب المغرب إلى جانب الدولة الرستيمة، سميت دولة سجلماسة (أو الدولة المدارية) (758 - 909 م) وهي دولة كالرستمية أسسها شيعة لكنهم على المذهب الصفري، وقد قضى الفاطميون عليها كذلك.
ومع قيام الدولة الفاطمية (910 – 973 م)، انتشر التشيع بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية في الجزائر وسائر مناطق المغرب العربي. إلا أن الشيعة انقرضت بعد عهد الفاطميين ولم يعد لها أثر، ولم يأتي ذكرها إلا أن ظهر التشيع الحديث مع ظهور الخميني بعد انتصار "الثورة الإسلامية في إيران" بالطريقة المنشرة بإيران لمذهب الإمامية لأثنى عشرية الجعفرية نهاية السبعينيات..
علاقتهم بالشأن الوطني
لا يعرف للشيعة في الجزائر أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم وآرائهم في الشأن الوطني، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل، كون لا يوجد لهم أية صحيفة ناطقة باسمهم، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية، ولكن ظهر لهم حديثا عدة مواقع إلكتروني في الشبكة العالمية جعلوا منها منبرا لهم، للحديث عن تواجدهم والتعبير عن آرائهم دون التدخل في شؤون الدولة بحكم أن لديهم – حسب زعمهم - مهمة أسمى من ذلك بكثير، ألا وهي تقديم النصيحة وكشف الحقيقة..
ويرى "محمد العامري" المشرف العام على "شبكة شيعة الجزائر" أنه : "والحمد لله لا نعاني من أيّ مشاكل مع النظام حاليا وكما أن الشيعة لم يعتدوا على أيّ مادة من الدستور أو رمز من رموز الدولة، وإن كانت هناك بعض التحفظات عبر تصرفات بعض من يعتبرون أنفسهم فوق القانون، فهم بالنسبة لنا لا يمثلون شيئا بل هم يزيدون من انتشار التشيّع دون أن يشعروا بذلك لأن المظلوم منتصر عاجلا أو آجلا".
ويبرز العامري أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في الجزائر، ويفسر ذلك بعدم وجود أيّ "ممانعة من حيث المبدأ من قبل السلطات الجزائرية لانتشار التشيع"، مشيرا إلى أن المادة 61 من الدستور الجزائري تنصّ على "الحرية الفردية لكافة الشعب في اختيار معتقداتهم التي يختارونها"(..).
وقال العامري أن معانات الشيعة في الآن مقتصرة مع المنظومة التربوية الجزائرية"(..)، وذلك نتيجة "تمرّدهم على البرامج المسطرة لهم أو المفروضة عليهم من طرف وزارة التربية والتعليم" !.
هذا وبين القرار الأخير لوزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، توقيف 11 مدرّسا شيعيا من المدارس التعليمية التي كانوا يشتغلون فيها، مدى اختراق الشيعة المدارس الجزائرية، وتفسيرا لمدى تدمر المدعو العامري من المنظومة التي تشرف عليها الوزارة.
إلا أن الذي تنساه العامري أن الوزارة قامت بتحويل المبعدين إلى "أجهزة أو مناصب إدارية"، وكان الهدف من إبعادهم تأمين وحماية الوسط المدرسي وتجنب التأثير الشيعي المباشر على التلاميذ بالمؤسسات التربوية، وكذلك إبعاد المدرسة الجزائرية عن الولاءات والصراعات، سواء بين الأحزاب السياسية أو بين المذاهب الدينية.
وجاء قرار وزارة التربية الوطنية، بعد أن ناشد مجموعة من الأولياء بمدينة الشريعة (ولاية تبسة) الجهات المعنية للتحرك بقوة لوضع حد من خطر المد الشيعي ببعض المؤسسات التربوية، أين يعمد بعض الأساتذة كما جاء في رسالة موقعة من قبل بعض الأولياء، لتمرير معتقدات وتوجهات شيعية والمعتمدة أساسا على تقديس آل البيت والطعن في بعض الصحابة وشتم بعضهم.
وغير بعيد عن مدينة الشريعة أرسلت مديرية التربية مؤخرا لجنة تحقيق لإحدى المتوسطات ببئر مقدم على إثر شكوى من مدير المتوسطة مفادها أن أستاذا قام أثناء إحدى الحصص بسب وشتم أحد الصحابة الكرام أمام مسمع التلاميذ الذين أبلغوا أولياءهم بالحادثة، حيث تحرك الأولياء بقوة وأخذت القضية أبعادا وتداعيات كبرى، كانت محل متابعة حتى من قبل المسؤولين بالمنطقة، وعلى الرغم من محاولات عدة أطراف طي الملف وتطويق المشكلة من خلال مطالبة بعض الجهات المسؤولة من الأستاذ الذي شتم الصحابة، تقديم اعتذار أمام الأولياء والتلاميذ، إلا أن البعض مازال يبدي تخوفا من أن تكون هذه السلوكات بداية لإحياء دعوة شيعية، خاصة وأن هناك معلومات تؤكد أن منطقة بئر مقدم والشريعة وتبسة يوجد بها عناصر من اتباع المذهب الشيعي، البعض منهم لا يتورع في الجهر بذلك والبعض الآخر مازال يستعمل كما يعرف عند الشيعة "التقية" درءا لأي مشكلة قد تلحق به.
كيف تشيعوا ؟
تكشف كتابات بعض الشيعة في الجزائر على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.
ويظهر جليا أن تحول الجزائريين إلى المذهب الشيعي ناتج عن علاقاتهم بأقربائهم وأصدقائهم، أو باحتكاكهم بالشيعة المقيمين بالبلاد أو بالسفر، كما أن للمراجع والكتب الشيعة أثر في قبولهم فكرة التشيع نتيجة الخواء الروحي وفقر الخطاب الذي أتبع العشرية الدموية، نهيك على انتشار الفضائيات الشيعية.. كما أن عديد الشباب تأثروا بنضال "حزب الله" اللبناني مما جعلوهم يغيرون المذهب بقصد الانخراط في صفوفه أو المشاركة في نضاله المسلح ضد الكيان الصهيوني..
ومن أسباب التشيع أيضا عند بعض الجزائريين كما يذكر الباحث فريد مسعودي، هو زواج المتعة حيث اكتشف من خلال جلسته مع الشباب الشيعي الجزائري أنه "مدمن" على زواج المتعة.
واللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" واعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من "السخرية " وعدم "الاحترام".
العلاقات مع إيران
بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي، لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف "مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" وأنها تعكس "تسلل وخطورة المشروع الإيراني في المنطقة".
لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن "هذه الانتقادات، مبالغ فيها وأن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".
وفي الجزائر يرفض الشيخ عبد الرحمان شيبان، رئيس جمعية علماء المسلمين في الجزائر، والذي يعتبر واحدا من أبرز الشخصيات الإسلامية المنافحة عن "عروبة وإسلام الجزائر" في تصريحات خاصة لـ "قدس برس": "أن تكون هنالك حملة تشيع واضحة للعيان في الجزائر، وقال: "في الجزائر توجد تيارات ومدارس فكرية مختلفة، سلفيون وعلمانيون وتنصيريون وغيرهم لكن الغالبة سنية مالكية".
وانتقد الشيخ شيبان بشدة، كل من يحاول تعميق الخلاف بين الشيعة والسنة، وقال: "هذه لعنات لن يغفرها الله سبحانه وتعالى لأحد، نعالج الخلافات بروح تقريبية، ذلك أن المسلمين مهزومون ومهانون لأنهم مختلفون لأن عقائدهم مختلفة". وأكد شيبان أن "القوة تأتي بالعزة، والعزة تأتي بالوحدة". ودعا إلى التركيز على الثوابت التي يلتقي حولها الجميع، من خلال إعادة الاعتبار للعلماء، وقال "أدعو أن تكون للعلماء كلمة، وأدعو الحكام إلى عدم تهميش العلماء".
وكان وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله، قد نفى وجود "خطر شيعي" في الجزائر، ودعا لتفادي ما أسماه «التهويل الإعلامي» كون الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تعاطف مع "حزب الله" أو "إيران".
غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة الجزائر وهو دعم معنوي بالأساس ويتمثل في توفير المراجع والكتب الشيعية وتمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ
ويقدمون في هذا الصدد عدة دلائل منها العثور على كتب شيعية لدى بعض الطلبة في الثانويات والجامعات، بالإضافة إلى وجود عدد من الجزائريين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في قم (إيران) وسورية ومنهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى الجزائر.
بل الأمر تجاوز هذه المرحلة، فقد كشف عبد الرحمن سعيدي، البرلماني عن «حركة مجتمع السلم» ونائب رئيسها، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تنظيم حديث النشأة يدعى حزب الله المغاربي يقوده شيعي مغربي مقيم في ألمانيا. وقال إن "جماعة فكرية خارج الجزائر، تتحرك لإرساء قواعد حزب مغاربي بمنطقة المغرب العربي"، مشيراً إلى "شخص يقيم بشرق الجزائر متزوج من لبنانية، وله نفوذ في الأوساط الشيعية خارج الجزائر ويدعي أنه من كبار الشيعة في المنطقة المغاربية". وأضاف أن لديه معلومات مؤكدة تفيد بأنه "يتم التحضير في بلاد غربية وفي بلاد الشام لمشروع حزب الله المغاربي".
وعن توسع المد الشيعي أكد الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي على هامش أعمال مؤتمر القدس الخامس المنعقد في الجزائر أن هذه الأخيرة من بلاد السنة المستهدفة إلى جانب المغرب، ليبيا، السودان، مصر.. محذّرا أئمة الشيعة من التيسير لمذهبهم في قواعد السنة، لأنه كما قال: "إذا كان عكس ذلك "لن أسكت وسأنتصر لسنة رسول الله وسنين الحقائق"، لكن ذلك سيكون "احتكاكا بين أهل المذاهب الإسلامية" لا يريد الشيخ الوصول إليه، فالهدف جمع كلمة الأمة "إذا أردنا أن نجمع ولا نفرّق، نبني ولا نهدّم، فلا يعتدي أهل مذهب على قواعد المذهب الآخر"، وكان موقفه خلال حرب لبنان الصائفة الماضية واضحا، إذ قال: "وقفت مع نصر الله في الحرب على لبنان وناصرته، ورديت الفتوى السعودية التي تقول بأنهم شيعة وحربهم باطلة، لكنني وقفت ضد التشيع بعد الحرب، عندما وجدت أنهم يريدون استغلال الموقف". وقد وجهه سماحته نداء "الجزائر بلد مالكي، اتركوا أهل السنة لمذاهبهم".
فيما ذهب الدكتور محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا، إلى المطالبة من السلطات الجزائرية بالتعجيل في استحداث منصب ""مفتي الجمهورية"" لدعم جهاز المناعة الثقافي الضعيف أصلا، الذي يسهل حسبه اجتياح المد الشيعي وتناميه، قبل أن يحذر من أن ""التشيّع هو الفتنة القادمة بعد التطرف الوهابي وفتنة اللامذهبية"". واعتبر ذات المتحدث خطر التشيّع قائما في ظل السكوت العام على هذه الظاهرة التي تهدد الجزائر أمنيا بالدرجة الأولى، وحث وسائل الإعلام على متابعة الظاهرة. مذكرا الأحزاب ""الغارقة في حمى الانتخابات"" بالواجب الواقع عليهم.
للعلم الحكومة الجزائرية أقدمت في مارس 1993، على قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران على خلفية "دعم إيران السياسي والإعلامي للجبهة الإسلامية للإنقاذ"، واتهام طهران بالتدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية. كما تراجعت الجزائر عن رعاية المصالح الإيرانية في أميركا.
وقد أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في سبتمبر 2000. وتم تبادل السفراء في أكتوبر2001. زار الرئيس بوتفليقة إيران في أكتوبر 2003 كما زار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الجزائر في أكتوبر2004 وكان بذلك أول رئيس إيراني يزور الجزائر منذ الثورة سنة 1979. وقد أعلنت إيران عن دعمها سياسة بوتفليقة الساعية إلى المصالحة الوطنية.
ملاحظات لابد منها
إن الحديث عن الشيعة في الجزائر لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أنهم يشكلون "طائفة" بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن "الطائفية" في الجزائر. هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في الجزائر التي عرفت بوحدة أبنائها ونبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي. هذا وللعلم أنه إذا ثبت أنه يوجد عدد كبير من الشيعة في الجزائر، فمثلهم مثل أقليات أخرى منها كالجالية المسيحية كلها تمارس طقوسها وشعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي.
في الاخير ارجو ان يحفضنا الله من هده التشيع
وسلام عليكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق