سلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ملخص الخطبة
| |||
1- رعاية
البنات حجاب للمرء من النار وأمان يوم القيامة وسبب لدخول الجنة. 2- الشروط
التي يحصل بها هذا الأجر(الإيواء والكفاية والرحمة).3-إيواؤهن ،أنواعه
وصوره. 4- رحمتهن،أنواعها وصورها. 5-كفايتهن، وأنواع ذلك.6-بين خيار
الجاهلية والإسلام
| |||
الخطبة الأولى
| |||
حديثنا اليوم إن شاء الله وقدره سيكون حول عمل صالح، يفوز من يؤديه على وجه وبشروطه بثلاثة أمور:
أولها: يُحْجب عن النار، فلا يدخلها.
ثانيها: يحشر يوم الفزع الأكبر مع المصطفى
![]()
ثالثاً: تجب له الجنة، بل ويكون فيها مع النبي
![]()
فما أعظم هذا الأجر، وما أجلّ هذا الثواب، الذي لا يحرمه إلا محروم.
وهذا الجزاء العظيم أيها المؤمنون مقيد بشروط، لابد للحصول عليه أن تؤدى شروطه وتكمل جوانبه.
فما هو هذا العمل، وما هي شروطه؟
فأقول مستعيناً بالله عز وجل:
هذا العمل أيها المؤمنون:
هو
رعاية البنات، والقيام عليهن وعلى مصالحهن، وهذا شأن ديننا مع المرأة
يكرمها ويصونها ويحفظها ويرغب الرجال في الجنة وعظيم الثواب، إن هم قاموا
على رعايتها وحفظها.
فما أعظم نعم الله عز وجل على بنات حواء، وما أكثر ما يكفرن بها وينكرنها!!.
يقول المصطفى
![]()
ويقول أيضاً: ((من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار)).
فهذا هو الجزاء الأول، الذي تناله يا عبد الله، ستر وحجاب من النار،
![]() ![]()
جعلني الله وإياكم من الفائزين.
وأما الجزاء الثاني وهو الحشر مع النبي
![]() ![]() ![]()
وأما الجزاء الثالث: فتأمل معي هذه النصوص:
عن جابر: ((من كان له ثلاث بنات يُؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة، فقال رجل بعض القوم: وثنتين يا رسول الله، قال: وثنتين)) [أحمد / والبخاري في الأدب المفرد].
عن أبي سعيد: ((لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ابنتان أو أختان فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة)).
عن أنس قال: قال رسول الله
![]()
فما أعظم هذا الأجر، وما أجلّ هذه المنزلة؟
ولكنها قيدت بقيود ثقال ومهمّات شاتة، تحتاج إلى جهاد وصبر حتى يحققها العبد، فيفوز بهذا الجزاء والأجر.
وتأمل قوله
![]()
فما هي هذه الشروط والقيود التي قُيّد بها هذا الأجر العظيم؟!
الشروط اجتمعت في قوله
![]()
فالإحسان إلى البنات إحساناً يوافق الشرع، هو الشرط الجامع والقيد الأكبر.
وجاءت الروايات التي استمعتم إليها مفصلة هذا الإجمال، ومبينة له أيما بيان:
فقال
![]()
قال الحافظ: وهذه الألفاظ يجمعها لفظ الإحسان.
فما معنى الإيواء؟ّ! وما المراد بكفايتهن ؟! وكيف نرحمهن؟!
أما الإيواء، فيكون على ثلاثة أحزب:
أولها: إيواؤها إلى أم صالحة، تكون قدوة لها فأول الإيواء، إيواء البنات إلى أم صالحة تقية عفيفة تصونهن وتحفظهن.
أما سمعت نصيحة المصطفى
![]()
ثانيها: إيواؤها في خدرها، في بيتها تعليمها أن تقر في بيتها ولا تخرج منه إلا لضرورة أو حاجة أو قربة أو طاعة ((يشهدن الخير ودعوة المسلمين)).
وهذا معنى قوله تعالى:
![]() ![]()
وانظر رحمك الله كيف أضاف الله عز وجل البيوت إلى النساء في ثلاثة مواضع من كتابه مع أنها تابعة لأوليائهن، فقال تعالى:
![]() ![]()
وقال:
![]() ![]() ![]() ![]()
ثالثها:
الإيواء إلى بيت عامر بالذكر والطاعة والعمل الصالح، فبعض النساء لا يخرجن
من البيت؟! ولكن بيوتهن عامرة بشياطين الإنس والجن، بيوت لا يحتجب فيها
النساء من الرجال الأجانب، فأولادهم والعمة والخال، والخالة من الطوافين
الولاجين، لا غطاء ولا حجاب.
والسائق
والخادم، كأنه قد شاركهن الرضاعة يدخل على نساء الدار دون حجاب، فدار كهذه
لا تصلح أن تكون مأوى، بل هي دار تهتك فيها الأعراض.
وبعض
النساء لا يخرجن من البيوت، ولكن بيوتهن عامرة بأجهزة الفساد، وقنوات
الغناء والزنا فتتعلم الحرام وتشاهده وتسمعه، وتفتن في دينها وتضل وتفسد،
أكثر مما لو كانت في الأسواق والأرصفة.
فهل هذا إيواء يا عباد الله؟!
إن الإيواء الحقيقي يكون في خدر ساتر يحافظ على عرضك ويصونه.
لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إليّ من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني أحب إليّ من لبس الشفوف
((من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة)).
كان هذا هو الإيواء؟ فما المراد بقوله
![]()
المراد، قد فسره
![]()
ويفسره أيضاً قوله
![]()
نعم عباد الله، كفاية المرأة حاجاتها الضرورية من طعام ولباس ومؤنة من الواجبات ومن أعظم القربات التي يشتغل بها الرجال.
يكفيهن هذه الأمور، فلا يحتجن إلى الخروج من الدار للعمل والكسب؟! يكفيهن هذه الضرورات فلا يفكرن في المعصية والانحراف؟ّ!
يكفيهن،
ولم يقل يطغيهن، كما يفعل بعض الآباء – هداهم الله – فيبالغ في توفير
طلبات ابنته، كلما اشتهت اشترى لها، وكلما صاحت تطلب أمراً، سارع بخيله
ورجله مستجيباً لها مطيعاً أمرها، حتى إن بعض الآباء، اشترى لبناته في
المرحلة المتوسطة جوالاً؟!
وأخرى لها سائق خاص وسيارة خاصة؟!
إن
هذا الإغداق مهلك للفتاة موجب لقصر حياتها الزوجية، فما أن تنتقل هذه
الفتاة إلى دار زوجها، وتفقد هذا الدلال إلا وتنشز على بعلها وتفتقد ما
نشأت عليه.
ورحم
الله أحد مشايخنا، كان يقتصر على نوعين من الفاكهة يقول: أخشى أن يتعودن
على الأصناف المتعددة فتزوج إحداهن بفقير فتزهقه، تقول أبي كان يفعل كذا
وكذا، ويشتري كذا وكذا.
وفي الطرف الآخر، نجد من الرجال من يقصر على النساء في تلبية ضروراتهن، بل ويصيح فيها: لماذا لا تخرجين وتعملين مثل فلانة؟!
فيضجر بتلبية حاجاتها وكفايتها.
![]() ![]()
القيد والشرط الثالث: الذي يندرج تحت معنى الإحسان إلى البنات، قوله
![]()
المعنى
الذي يتبادر إلى الذهن أول وهلة، هو المعنى الظاهر والعام للرحمة يرحمهن:
أي يعطف عليهن ويشفق عليهن ولا يضربهن إلى غير ذلك من معاني الرحمة. ولا شك
أنّ هذا حق. ولكن الرحمة الحقيقية بالبنات معاشر المؤمنين تتمثل في أمرين:
الأول:
رحمتهن، بالسعي والعمل الجاد على تجنيبهن النار وبئس القرار. وذلك
بتربيتهن على شعائر الإسلام وإقام الصلاة والحجاب والستر والعفاف.
![]() ![]()
فالرجل
الذي يعطف على بناته ويدللهن ويحسن إليهن مادياً ومعنوياً ثم هو لا يأمرهن
بصلاة أو صيام ولا ستر أو حجاب، فهذا جبّار، عدو مبين. لأنه لم ينصح لهن
ولم يأخذ بأيديهن وحجزهن ويبعدنهن عند النّار.
فهذه هي الرحمة الحقيقية معاشر المؤمنين، يقول
![]()
النوع الثاني من الرحمة:
رحمة غرائزهم ومشاعرهن فمن الآباء من لا يرحم مشاعر بناته ولا يراعي
غرائزهن فيدخل في بيته ما يثير الشهوات ويحرك المشاعر، ويدفع إلى الفجور
والبغاء، من مجلات هابطة وقنوات ساقطة، فترى الفتاة مناظر تحرك الجبال،
فتقع في صراع داخلي بين شهوتها وغريزتها وبين دينها وخوفها من ربها، والبعض
منهن ممن لا دين لها تصارع غريزتها وخوفها من العار والعادات، ثم لا يلبث
داعي الشهوة والغريزة أن ينتصر ويتغلب ويأخذ بناصية المسكينة إلى شفا النار
وغضب الجبَّار.
ما قولكم برجل يعرض ألذ المأكولات على بناته وهن جياع ثم لا يطعمهن، أرحيم هو أم جبّار؟!
إنّ
غريزة الجنس، أشد وأقوى من غريزة حب الطعام والشراب. فالجائع أقل شيء يسد
ريقه، وأمّا صاحب الشهوة، فإمّا أن يطفئها بالحلال أو بالحرام.
ومن
مظاهر عدم رحمة مشاعر البنات، تأخير زواجهن حتى يبلغن سناً، يزهد فيه
الشيوخ فضلاً عن الشباب وتذهب سنون هذه المسكينة حسرات عليها، وذلك بسبب
تعنت والدها أو حتى كبْره، الذي يمنعه من عرضها على الأخيار والصالحين.
فاتقوا الله معاشر المؤمنين وأحسنوا إلى بناتكم.
واعلموا أنّ الأجر العظيم الذي استمعتم إليه مقيد بهذه القيود الثقال وهي يسيرة لمن يسرها الله عليها مقدورة على من اجتهد وحرص.
والله ولي التوفيق.
| |||
![]()
الخطبة الثانية
| |||
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
فهذه
صورة واحدة من صور شتى كرّم بها الإسلام المرأة ورفع قدرها. وأي رفعة
وتكريم أعظم وأرفع من ترغيب الرجال بالجنة والحشر مع المصطفى
![]()
فما
أزهد نساء اليوم في الإسلام، وما أكفرهن بهذه النعم، وما أعظم إحسان الشرع
إليهن؟! يردنها جاهلية عمياء، تسير على خطى الجاهلية الأولى التي وصفها
ربنا بقوله:
![]() ![]() ![]()
فأخبر جل وعلا أن أهل الجاهلية الأولى كانوا يغتمون ويحزنون إذا بشّر أحدهم بالأنثى، ويضع هذا الجاهل لنفسه حلين لا ثالث لهما:
أيمسك هذه الأنثى ويبقيها على هون وذل، لما يتوقع منها ويفترض من عار وخزي.
أم يدسها ويدفنها في التراب ويرتاح من شرها .
فحكم الله عز وجل على هذين الخيارين بقوله:
![]() ![]()
والمرأة المسلمة، التي كرمها ربها وحماها وحث الرجال ورغبهم على حمايتها، تريد خطى الجاهلية.
تريد من يسلك بها مسالك الهوان والتبرج والسفور التي كان يقشعر منها جسد الأعرابي الجاهلي؟!
تريد أن تدس وتدفن، لا في تراب طاهر نقي، بل في أوحال الرذيلة والفاحشة.
ألا ساء ما يحكمون.
فاتق الله يا أمة الله، وكوني فخورة بهذا التكريم، وتذكري أن من أواخر ما تلفظ به المصطفى
![]()
فأمرنا وأوصانا بك خيراً، فكوني خير معين لأوليائك على أداء هذه المهمة العظيمة، واعلمي أن عزك ومجدك وشرفك في تمسكك بدينك.
اللهم أصلح لنا ديننا. . .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق